مَسْأَلَةٌ قَوْله تَعَالَى وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّالْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: قَوْله تَعَالَى: {وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} البقرة: 197: أَرَادَ لَا جِدَالَ فِي وَقْتِهِ؛ فَإِنَّ الزَّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، فَعَادَ بِذَلِكَ إلَى يَوْمِهِ وَوَقْتِهِ.
وَقِيلَ: لَا جِدَالَ فِي مَوْضِعِهِ؛ فَإِنَّ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ لِكُلِّ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ كَانَ مِنْ الْحُمْسِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ صَحِيحٌ.
وَقَدْ رَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى الْجِدَالَ فِي الْوَجْهَيْنِ بَيْنَ الْخَلْقِ، فَلَا يَكُونُ إلَى الْقِيَامَةِ؛ وَلِهَذَا قَرَأَهُ الْعَامَّةُ وَحْدَهُ بِنَصَبِ اللَّامِ عَلَى التَّبْرِئَةِ دُونَ الْكَلِمَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُ.
وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي كِتَابِ " مُلْجِئَةِ الْمُتَفَقِّهِينَ إلَى مَعْرِفَةِ غَوَامِضِ النَّحْوِيِّينَ ".
مَسْأَلَةٌ قَوْله تَعَالَى وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىالْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} البقرة: 197.
أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالتَّزَوُّدِ مَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ؛ فَإِنْ كَانَ ذَا حِرْفَةٍ تَنْفُقُ فِي الطَّرِيقِ، أَوْ سَائِلًا فَلَا خِطَابَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا خَاطَبَ اللَّهُ تَعَالَى أَهْلَ الْأَمْوَالِ الَّذِينَ كَانُوا يَتْرُكُونَ أَمْوَالَهُمْ وَيَخْرُجُونَ بِغَيْرِ زَادٍ، وَيَقُولُونَ: نَحْنُ الْمُتَوَكِّلُونَ؛ وَالتَّوَكُّلُ لَهُ شُرُوطٌ بَيَانُهَا فِي مَوْضِعِهَا يَخْرُجُ مَنْ قَامَ بِهَا بِغَيْرِ زَادٍ وَلَا يَدْخُلُ فِي الْخِطَابِ.
وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَإِنَّهُ خَرَجَ عَلَى الْأَغْلَبِ مِنْ الْخَلْقِ وَهُمْ الْمُقَصِّرُونَ عَنْ دَرَجَةِ التَّوَكُّلِ الْغَافِلُونَ عَنْ حَقَائِقِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْآيَة السَّابِعَة وَالْأَرْبَعُونَ قَوْله تَعَالَى لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ} البقرة: 198.
فِيهَا عَشْرُ مَسَائِلَ: