فَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الْكَفِّ عَنْهُ وَعِصْمَتِهِ، فَإِنَّهُ يُكْتَفَى بِالظَّاهِرِ مِنْهُ فِي حَالَتِهِ، كَمَا قَالَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: «فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا».
وَأَمَّا فِي حَدِيثِ حَقِّ ثُبُوتِ الْمَنْزِلَةِ بِإِمْضَاءِ قَوْلِهِ عَلَى الْغَيْرِ فَلَا يُكْتَفَى بِظَاهِرِهِ حَتَّى يَقَعَ الْبَحْثُ عَنْهُ، وَيُخْتَبَرُ فِي تَقَلُّبَاتِهِ وَأَحْوَالِهِ.
جَوَابٌ آخَرُ: وَذَلِكَ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا كَانَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ حَيْثُ كَانَ إسْلَامُهُمْ سَلَامَتَهُمْ؛ فَأَمَّا وَقَدْ عَمَّ النَّاسَ الْفَسَادُ فَلَا.
مَسْأَلَةٌ قَوْله تَعَالَى وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِالْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْله تَعَالَى: {وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} البقرة: 204: يَعْنِي: ذَا جِدَالٍ إذَا كَلَّمَك وَرَاجَعَك رَأَيْت لِكَلَامِهِ طَلَاوَةً وَبَاطِنُهُ بَاطِلٌ؛ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجِدَالَ لَا يَجُوزُ إلَّا بِمَا ظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ سَوَاءٌ.
وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَبْغَضُ الرِّجَالِ إلَى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخَصِمُ».
الْآيَة الثَّانِيَة وَالْخَمْسُونَ قَوْله تَعَالَى وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهالْآيَةُ الثَّانِيَةُ وَالْخَمْسُونَ: قَوْله تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} البقرة: 207 فِيهَا مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلُ: نَزَلَتْ فِي الْجِهَادِ.
الثَّانِي: فِيمَنْ يَقْتَحِمُ الْقِتَالَ؛ أَرْسَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - جَيْشًا فَحَاصَرُوا حِصْنًا