إلَيْهِ، وَعَائِشَةُ تَغْسِلُ شِقَّ رَأْسِهِ الْأَيْمَنَ، ثُمَّ تَحَوَّلَتْ إلَى الشِّقِّ الْآخَرِ، وَقَدْ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ، فَذَهَبَتْ أَنْ تُعِيدَ، فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ، اُسْكُتِي، فَإِنَّهُ نَزَلَ الْوَحْيُ. فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِزَوْجِهَا: أَعْتِقْ رَقَبَةً. قَالَ: لَا أَجِدُ. قَالَ: صُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ. قَالَ: إنْ لَمْ آكُلْ فِي الْيَوْمِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ خِفْت أَنْ يَعْشُوَ بَصَرِي. قَالَ: فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا. قَالَ: فَأَعِنِّي، فَأَعَانَهُ بِشَيْءٍ».
مَسْأَلَة شَبَّهَ جُمْلَةَ أَهْلِهِ بِظَهْرِ أُمِّهِالْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ قَوْله تَعَالَى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ} المجادلة: 2 حَقِيقَتُهُ تَشْبِيهُ ظَهْرٍ بِظَهْرٍ، وَالْمُوجِبُ لِلْحُكْمِ مِنْهُ تَشْبِيهُ ظَهْرِ مُحَلَّلٍ بِظَهْرِ مُحَرَّمٍ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ فُرُوعٌ كَثِيرَةٌ، أُصُولُهَا سَبْعَةٌ:
الْفَرْعُ الْأَوَّلُ: إذَا شَبَّهَ جُمْلَةَ أَهْلِهِ بِظَهْرِ أُمِّهِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي.
الْفَرْعُ الثَّانِي: إذَا شَبَّهَ جُمْلَةَ أَهْلِهِ بِعُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ أُمِّهِ كَانَ ظِهَارًا، خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ: إنْ شَبَّهَهَا بِعُضْوٍ يَحِلُّ النَّظَرُ إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ ظِهَارًا، وَهَذَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ إلَيْهِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِمْتَاعِ لَا يَحِلُّ لَهُ، وَفِيهِ رَفْعُ التَّشْبِيهِ، وَإِيَّاهُ قَصَدَ الْمُظَاهِرُ، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ: إنَّهُ لَا يَكُونُ ظِهَارًا إلَّا فِي الظَّهْرِ وَحْدَهُ؛ وَهَذَا فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ عُضْوٍ مِنْهَا مُحَرَّمٌ، فَكَانَ التَّشْبِيهُ بِهِ ظِهَارًا كَالظَّهْرِ، وَلِأَنَّ الْمُظَاهِرَ إنَّمَا يَقْصِدُ تَشْبِيهَ الْمُحَلَّلِ بِالْمُحَرَّمِ؛ فَلَزِمَ عَلَى الْمَعْنَى.
مَسْأَلَة شَبَّهَ عُضْوًا مِنْ امْرَأَتِهِ بِظَهْرِ أُمِّهِالْفَرْعُ الثَّالِثُ إذَا شَبَّهَ عُضْوًا مِنْ امْرَأَتِهِ بِظَهْرِ أُمِّهِ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: لَا يَكُونُ ظِهَارًا، وَهَذَا ضَعِيفٌ مِنْهُ، لِأَنَّهُ قَدْ وَافَقَنَا عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ إضَافَةُ الطَّلَاقِ إلَيْهِ، خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ؛ فَصَحَّ إضَافَةُ الظِّهَارِ إلَيْهِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.
مَسْأَلَة قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَأُمِّي أَوْ مِثْلُ أُمِّيالْفَرْعُ الرَّابِعُ إذَا قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَأُمِّي، أَوْ مِثْلُ أُمِّي، فَإِنْ نَوَى ظِهَارًا كَانَ ظِهَارًا، وَإِنْ نَوَى طَلَاقًا كَانَ طَلَاقًا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ كَانَ ظِهَارًا.