طُلِبَ بِهَا فَضْلُ الْجَمَاعَةِ لَانْقَلَبَتْ شَفْعًا، حَتَّى تَنَاهَى عُلَمَاؤُنَا فِي ذَلِكَ فَقَالُوا: لَوْ أَعَادَهَا رَجُلٌ فِي جَمَاعَةٍ غَفْلَةً لَقِيلَ لَهُ: أَعِدْهَا ثَالِثَةً؛ حَتَّى تَكُونَ وَتْرًا تِسْعَ رَكَعَاتٍ، وَهَذَا بَاطِلٌ؛ فَإِنَّ الْمَغْرِبَ لَوْ صَارَتْ بِالْإِعَادَةِ فِي الْجَمَاعَةِ شَفْعًا لَصَارَتْ الظُّهْرُ بِإِعَادَتِهَا ثَمَانِيًا، وَيَعُودُ ذَلِكَ فِي حَالِ التَّخْلِيطِ الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ فَيُقَالُ فِيهِ:
فَوَاَللَّهِ مَا أَدْرِي إذَا مَا ذَكَرْتهَا
... أَثِنْتَيْنِ صَلَّيْت الضُّحَى أَمْ ثَمَانِيًا
فَكَمَا لَا تَتَضَاعَفُ الظُّهْرُ بِالْإِعَادَةِ، فَكَذَلِكَ لَا تَتَضَاعَفُ الْمَغْرِبُ، وَأَشَدُّهُ الصَّلَاةُ الثَّالِثَةُ، فَإِنَّهُ مِنْ الْغُلُوِّ فِي الدِّينِ.
مَسْأَلَة أَقَلَّ النَّفْلِالْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ لَمَّا قَالَ عُلَمَاؤُنَا: إنَّ أَقَلَّ النَّفْلِ رَكْعَتَانِ.
قُلْنَا: إنَّ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالشَّفْعِ} الفجر: 3 يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا فَرْضَهَا وَنَفْلَهَا.
وقَوْله تَعَالَى: {وَالْوَتْرِ} الفجر: 3 يَنْطَلِقُ عَلَى الْوَتْرِ وَحْدَهُ الَّذِي هُوَ فَرْدٌ.
وَفِي صَحِيحِ الْحَدِيثِ وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ: «الِاسْتِجْمَارُ وَتْرٌ، وَالطَّوَافُ وَتْرٌ، وَالْفَرْدُ كَثِيرٌ»، وَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ يَكْفِي فِيهِ.
الْآيَةُ الرَّابِعَة قَوْله تَعَالَى وَاللَّيْلِ إذَا يَسْرِِ} الفجر: 4.
فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى أَقْسَمَ اللَّهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، كَمَا أَقْسَمَ بِسَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ عُمُومًا وَخُصُوصًا، وَجُمْلَةً وَتَفْصِيلًا، وَخَصَّهُ هَاهُنَا بِالسُّرَى لِنُكْتَةٍ هِيَ:
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ} يونس: 67.