مَسْأَلَةٌ الرَّضَاع هَلْ هُوَ حَقٌّ لِلْأُمِّ أَمْ هُوَ حَقٌّ عَلَيْهَاالْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ} البقرة: 233 اخْتَلَفَ النَّاسُ هَلْ هُوَ حَقٌّ لَهَا أَمْ هُوَ حَقٌّ عَلَيْهَا؟ وَاللَّفْظُ مُحْتَمَلٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ التَّصْرِيحَ بِقَوْلِهِ (عَلَيْهَا) لَقَالَ: وَعَلَى الْوَالِدَاتِ إرْضَاعُ أَوْلَادِهِنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ} البقرة: 233 لَكِنَّ هُوَ عَلَيْهَا فِي حَالِ الزَّوْجِيَّةِ، وَهُوَ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَقْبَلْ غَيْرُهَا، وَهُوَ عَلَيْهَا إذَا عُدِمَ الْأَبُ لِاخْتِصَاصِهَا بِهِ.
وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تَقُولُ لَك الْمَرْأَةُ: أَنْفِقْ عَلَيَّ وَإِلَّا طَلِّقْنِي، وَيَقُولُ لَك الْعَبْدُ: أَطْعِمْنِي وَاسْتَعْمِلْنِي، وَيَقُولُ لَك ابْنُك: أَنْفِقْ عَلَيَّ، إلَى مَنْ تَكِلُنِي».
وَلِمَالِكٍ فِي الشَّرِيفَةِ رَأْيٌ خَصَّصَ بِهِ الْآيَةَ فَقَالَ: إنَّهَا لَا تُرْضِعُ إذَا كَانَتْ شَرِيفَةً. وَهَذَا مِنْ بَابِ
الْمُصْلِحَةِ
الَّتِي مَهَّدْنَاهَا فِي أُصُولِ الْفِقْهِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا: الْحَضَانَةُ بِدَلِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ لِلْأُمِّ وَالنُّصْرَةُ لِلْأَبِ، لِأَنَّ الْحَضَانَةَ مَعَ الرَّضَاعِ، وَمَسَائِلُ الْبَابِ تَأْتِي فِي سُورَةِ الطَّلَاقِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
مَسْأَلَةٌ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِالْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: قَوْله تَعَالَى: {لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ} البقرة: 233 الْمَعْنَى لَا تَأْبَى الْأُمُّ أَنْ تُرْضِعَهُ إضْرَارًا بِأَبِيهِ، وَلَا يَحِلُّ لِلْأَبِ أَنْ يَمْنَعَ الْأُمَّ مِنْ ذَلِكَ؛ وَذَلِكَ كُلُّهُ عِنْدَ الطَّلَاقِ؛ لِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ ذِكْرَ ذَلِكَ جَاءَ عِنْدَ ذِكْرِ الطَّلَاقِ، فَكَانَ بَيَانًا لِبَعْضِ أَحْكَامِهِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ.
الثَّانِي: أَنَّ النِّكَاحَ إذَا كَانَ بَاقِيًا ثَابِتًا فَالنَّفَقَةُ وَاجِبَةٌ لِأَجَلِهِ، وَلَا تُسْتَوْجَبُ الْأُمُّ زِيَادَةٌ عَلَيْهَا لِأَجَلِ رَضَاعِهِ.
مَسْأَلَةٌ أَرَادَ الْأَبُ أَنْ يُرْضِعَ الِابْنَ غَيْرَ الْأُمِّ وَهِيَ فِي الْعِصْمَةِ لِتَتَفَرَّغَ لَهُالْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: إذَا أَرَادَ الْأَبُ أَنْ يُرْضِعَ الِابْنَ غَيْرُ الْأُمّ وَهِيَ فِي الْعِصْمَةِ لِتَتَفَرَّغَ لَهُ جَازَ ذَلِكَ