فِيهَا عَشْرُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى النِّكَاحَ فِي الْعِدَّةِ، وَأَوْجَبَ التَّرَبُّصَ عَلَى الزَّوْجَةِ، وَقَدْ عَلِمَ سُبْحَانَهُ أَنَّ الْخَلْقَ لَا يَسْتَطِيعُونَ الصَّبْرَ عَنْ ذِكْرِ النِّكَاحِ وَالتَّكَلُّمِ فِيهِ، فَأَذِنَ فِي التَّصْرِيحِ بِذَلِكَ مَعَ جَمِيعِ الْخَلْقِ، وَأَذِنَ فِي ذِكْرِ ذَلِكَ بِالتَّعْرِيضِ مَعَ الْعَاقِدِ لَهُ، وَهُوَ الْمَرْأَةُ أَوْ الْوَلِيُّ؛ وَهُوَ فِي الْمَرْأَةِ آكَدُ.
وَالتَّعْرِيضُ هُوَ الْقَوْلُ الْمُفْهِمُ لِمَقْصُودِ الشَّيْءِ، وَلَيْسَ بِنَصٍّ فِيهِ. وَالتَّصْرِيحُ هُوَ التَّنْصِيصُ عَلَيْهِ وَالْإِفْصَاحُ بِذِكْرِهِ، مَأْخُوذٌ مِنْ عَرْضِ الشَّيْءِ وَهُوَ نَاحِيَتُهُ، كَأَنَّهُ يَحُومُ عَلَى النِّكَاحِ وَلَا يُسِفَّ عَلَيْهِ وَيَمْشِي حَوْلَهُ وَلَا يَنْزِلُ بِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي تَفْسِيرِ التَّعْرِيضِ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ السَّلَفِ فِيهِ كَثِيرٌ، جِمَاعُهُ عِنْدِي يَرْجِعُ إلَى قِسْمَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنْ يَذْكُرَهَا لِلْوَلِيِّ؛ يَقُولُ لَا تَسْبِقْنِي بِهَا.
الثَّانِي: أَنْ يُشِيرَ بِذَلِكَ إلَيْهَا دُونَ وَاسِطَةٍ. فَإِنْ ذَكَرَ ذَلِكَ لَهَا بِنَفْسِهِ فَفِيهِ سَبْعَةُ أَلْفَاظٍ:
الْأَوَّلُ: أَنْ يَقُولَ لَهَا: إنِّي أُرِيدُ التَّزْوِيجَ.
الثَّانِي: أَنْ يَقُولَ لَهَا: لَا تَسْبِقِينِي بِنَفْسِك؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَقُولَ لَهَا: إنَّك لَجَمِيلَةٌ، وَإِنَّ حَاجَتِي فِي النِّسَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ لَسَائِقٌ إلَيْك خَيْرًا.
الرَّابِعُ: أَنْ يَقُولَ لَهَا: إنَّك لَنَافِقَةٌ؛ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.