وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّهَا الْمَغْرِبُ؛ فَلِأَنَّهَا وِتْرٌ بَيْنَ أَشْفَاعٍ.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ: الْعِشَاءُ؛ فَلِأَنَّهَا وُسْطَى صَلَاةِ اللَّيْلِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالصُّبْحِ.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّهَا الصُّبْحُ؛ فَلِأَنَّهَا فِي وَقْتٍ مُتَوَسِّطٍ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ؛ قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ.
وَقَالَ غَيْرُهُمَا: هِيَ مَشْهُودَةٌ، وَالْعَصْرُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَهَا فَتَزِيدُ الصُّبْحُ عَلَيْهَا بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا أَثْقَلُ الصَّلَوَاتِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ.
وَالثَّانِي: أَنَّ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عَائِشَةَ: «حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَصَلَاةِ الْعَصْرِ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ».
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى غَيْرُ صَلَاةِ الْعَصْرِ، وَيُعَارِضُ حَدِيثَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَيُبَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهَا كَانَتْ وُسْطَى بَيْنَ مَا فَاتَ وَبَقِيَ.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ: الْجُمُعَةُ: فَلِأَنَّهَا تَخْتَصُّ بِشُرُوطٍ زَائِدَةٍ؛ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى شَرَفِهَا وَفَضْلِهَا.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّهَا غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ، فَلِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ وَعَدَمِ التَّرْجِيحِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ خَبَّأَهَا فِي الصَّلَوَاتِ كَمَا خَبَّأَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي رَمَضَانَ، وَخَبَّأَ السَّاعَةَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَخَبَّأَ الْكَبَائِرَ فِي السَّيِّئَاتِ؛ لِيُحَافِظَ الْخَلْقُ عَلَى الصَّلَوَاتِ، وَيَقُومُوا جَمِيعَ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَيَلْزَمُوا الذِّكْرَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ كُلِّهِ، وَيَجْتَنِبُوا جَمِيعَ الْكَبَائِرِ وَالسَّيِّئَاتِ.