وَالْخَوْفِ، بِمَا يُرَى مِنْ عُمُومِ الْآلَامِ وَشُمُولِ الْأَسْقَامِ.
الثَّالِثُ: مَا يُخَافُ مِنْ السَّخَطِ عِنْدَ نُزُولِ الْبَلَاءِ بِهِ، وَذَهَابِ الصَّبْرِ عَلَى مَا يَنْزِلُ مِنْ الْقَضَاءِ.
الرَّابِعُ: مَا يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْ سُوءِ الِاعْتِقَادِ، كَأَنْ يَقُولَ: لَوْلَا دُخُولِي فِي هَذَا الْبَلَدِ لَمَا نَزَلَ بِي مَكْرُوهٌ.
وَأَمَّا الْخُرُوجُ فَإِنَّمَا نُهِيَ عَنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ الْمَرْضَى مُهْمَلِينَ مَعَ مَا يَنْتَظِمُ بِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْآيَة التَّاسِعَة وَالسَّبْعُونَ قَوْله تَعَالَى وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌٌ} البقرة: 244
قَالَ قَوْمٌ مِنْ عُلَمَائِنَا: هَذِهِ الْآيَةُ مُجْمَلَةٌ وَهُوَ خَطَأٌ؛ بَلْ هِيَ عَامَّةٌ.
قَالَ مَالِكٌ: سُبُلُ اللَّهِ كَثِيرَةٌ.
قَالَ الْقَاضِي: مَا مِنْ سَبِيلٍ مِنْ سُبُلِ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا يُقَاتَلُ عَلَيْهَا وَفِيهَا، وَأَوَّلُهَا وَأَعْظَمُهَا دِينُ الْإِسْلَامِ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} يوسف: 108 وَزَادَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَمَامًا فَقَالَ: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ».
وَبَعْدَ هَذَا فَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الشَّرِيعَةِ إلَّا يَجُوزُ الْقِتَالُ عَلَيْهِ وَعَنْهُ، فَقَدْ صَحَّ الْعُمُومُ وَظَهَرَ تَأْكِيدُ التَّخْصِيصِ.