مَسْأَلَة شَهَادَةُ النِّسَاءِالْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} البقرة: 282 مِنْ أَلْفَاظِ الْإِبْدَالِ، فَكَانَ ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَلَّا تَجُوزَ شَهَادَةُ النِّسَاءِ إلَّا عِنْدَ عَدَمِ شَهَادَةِ الرِّجَالِ، كَحُكْمِ سَائِرِ إبْدَالِ الشَّرِيعَةِ مَعَ مُبْدَلَاتِهَا؛ وَهَذَا لَيْسَ كَمَا زَعَمَهُ، وَلَوْ أَرَادَ رَبُّنَا ذَلِكَ لَقَالَ: فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ رَجُلَانِ فَرَجُلٌ: فَأَمَّا وَقَدْ قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُونَا فَهَذَا قَوْلٌ يَتَنَاوَلُ حَالَةَ الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَسْأَلَةٌ شَهَادَةَ امْرَأَتَيْنِ بَدَلَ شَهَادَةِ الرَّجُلِالْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: قَالَ أَصْحَابُنَا: لَمَّا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى شَهَادَةَ امْرَأَتَيْنِ بَدَلَ شَهَادَةِ الرَّجُلِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهَا حُكْمَهُ، فَكَمَا يَحْلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ، كَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ بِمُطْلَقِ هَذِهِ الْعِوَضِيَّةِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.
مَسْأَلَةٌ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَالْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ: قَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: لِمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} البقرة: 282 فَقَسَمَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْوَاعَ الشَّهَادَةِ وَعَدَّدَهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ فَلَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ قِسْمًا ثَالِثًا فِيمَا قَدْ قَسَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قِسْمَيْنِ.
وَسَلَكَ عُلَمَاؤُنَا فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ مَسْلَكَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ قِسْمِ الشَّهَادَةِ، وَإِنَّمَا الْحُكْمُ هُنَالِكَ بِالْيَمِينِ، وَحَطُّ الشَّاهِدِ تَرْجِيحُ جَنْبَةِ الْمُدَّعِي، وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ أَهْلُ خُرَاسَانَ.
وَقَالَ آخَرُونَ: وَهُوَ الَّذِي عَوَّلَ عَلَيْهِ مَالِكٌ إنَّ الْقَوْمَ قَدْ قَالُوا يُقْضَى بِالنُّكُولِ، وَهُوَ قِسْمٌ ثَالِثٌ لَيْسَ لَهُ فِي الْقُرْآنِ ذِكْرٌ، كَذَلِكَ يُحْكَمُ بِالشَّهَادَةِ وَالْيَمِينِ وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْرٌ لِقِيَامِ الدَّلِيلِ.
وَالْمَسْلَكُ الْأَوَّلُ أُسْلُوبُ الشَّرْعِ، وَالْمَسْلَكُ الثَّانِي يَتَعَلَّقُ بِمُنَاقَضَةِ الْخَصْمِ، وَالْمَسْلَكُ الْأَوَّلُ أَقْوَى وَأَوْلَى.