مَسْأَلَة هَلْ الْأَفْضَلِ اسْتِمْرَار الْبَرِّ فِي الْيَمِين أَوْ الحنث إلَى الْكَفَّارَةالْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: فِي الْأَفْضَلِ: مِنْ اسْتِمْرَارِ الْبِرِّ فِي الْيَمِينِ أَوْ الْحِنْثِ إلَى الْكَفَّارَةِ: فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: «لَأَنْ يَلِجَ أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ فِي أَهْلِهِ آثَمُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أَنْ يُعْطِيَ عَنْهَا كَفَّارَتَهُ الَّتِي فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ».
وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ حَالِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ؛ فَإِنْ حَلَفَ أَلَّا يَأْتِيَ أَمْرًا لَا يَجُوزُ فَالْبِرُّ وَاجِبٌ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فِي الصَّحِيحَيْنِ حِينَ «نَبَذَ خَاتَمَ الذَّهَبِ مِنْ يَدِهِ وَقَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَلْبَسُهُ أَبَدًا». وَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ. وَإِنْ حَلَفَ عَلَى مَكْرُوهٍ فَالْبِرُّ مَكْرُوهٌ. وَإِنْ حَلَفَ عَلَى وَاجِبٍ عَصَى وَالْحِنْثُ وَاجِبٌ.
وَإِنْ حَلَفَ عَلَى مُبَاحٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ النَّظَرُ إلَيْهِ: فَإِنْ كَانَ تَرْكُهُ مُضِرًّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْحِنْثُ. وَإِنْ كَانَ فِي فِعْلِهِ مَنْفَعَةٌ اُسْتُحِبَّ لَهُ الْحِنْثُ. وَفِيهِ جَاءَ قَوْلُهُ: «لَأَنْ يَلِجَّ أَحَدُكُمْ فِي أَهْلِهِ بِيَمِينِهِ» إلَى آخِرِهِ حَسْبَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ:.
مَسْأَلَة تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: فِي تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ:
لِعُلَمَائِنَا رِوَايَتَانِ:
إحْدَاهُمَا يَجُوزُ ذَلِكَ لَهُ؛ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: لَا يَجُوزُ؛ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَالْمَسْأَلَةُ طَوِيلَةٌ قَدْ أَفَضْنَا فِيهَا عِنْدَ ذِكْرِنَا مَسَائِلَ الْخِلَافِ بِالتَّحْقِيقِ الْكَامِلِ، وَهَا هُنَا مَا يَحْتَمِلُ بَعْضَ ذَلِكَ، فَنَذْكُرُ مِنْهُ مَا يَتَعَلَّقُ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ: قَالَ رَبُّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} المائدة: 89، فَعَلَّقَ الْكَفَّارَةَ عَلَى سَبَبٍ، وَهُوَ الْحَلِفُ.