وَفِي الثَّالِثِ بُعْدٌ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ مَصْدَرُ شَهِدَ، وَهُوَ بِنَاءٌ لَا يَتَعَدَّى، وَقَدْ مَهَّدْنَاهُ فِي الْمُلْجِئَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: {ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} المائدة: 106
وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ.
مَسْأَلَةُ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى مِنْكُمْالْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: {مِنْكُمْ} المائدة: 106 فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَالْكَافُ وَالْمِيمُ لِضَمِيرِهِمَا؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ.
الثَّانِي: مِنْ قَبِيلَتِكُمْ: قَالَهُ الْحَسَنُ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ.
الثَّالِثُ: مِنْكُمْ: مِنْ أَهْلِ الْمَيِّتِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: {أَوْ} المائدة: 106 قِيلَ: هِيَ لِلتَّخْيِيرِ. وَقِيلَ: لِلتَّفْصِيلِ.
مَعْنَاهُ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إنْ لَمْ تَجِدُوا مِنْكُمْ قَالَهُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَيَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ، وَأَبُو مِجْلَزٍ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَابْنُ جُبَيْرٍ، وَشُرَيْحٌ؛ وَيُرْوَى عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ.
وَتَحْقِيقُ النَّظَرِ فِي هَذَا الْفَصْلِ أَنَّ قَوْلَهُ: {مِنْكُمْ} المائدة: 106 قَدْ تَقَدَّمَ فِيهِ الْخِلَافُ، وَعَلَيْهِ يَتَرَكَّبُ قَوْلُهُ: أَوْ آخَرَانِ، وَقَوْلُهُ: غَيْرِكُمْ؟ وَهِيَ مَسْأَلَتَانِ تَتِمُّ بِهِمَا سِتَّ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً، فَإِنْ كَانَ مِنْكُمْ مِنْ أَهْلِ مِلَّتِكُمْ كَانَ قَوْلُهُ: غَيْرِكُمْ لِلْكَافِرِينَ، وَكَانَ الْآخَرَانِ مَنْ لَيْسَ بِمُسْلِمٍ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِكُمْ كَانَ كَمَا قَالَ الزُّهْرِيُّ وَالْحَسَنُ وَغَيْرُهُمَا " فَقَبِيلُ الْمَيِّتِ وَعَشِيرَتُهُ أَعْلَمُ بِحَالِهِ.
وَتَعَلَّقَ مَنْ قَالَ بِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ مِلَّتِكُمْ بِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ خَاطَبَ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: مِنْ غَيْرِكُمْ؛ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ هُمْ الْكَافِرُونَ.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مِنْ أَهْلِ الْمَيِّتِ فَلِأَنَّ الْحَجَّ لَهُمْ وَالْكَلَامَ مِنْهُمْ وَمَعَهُمْ؛ وَيُؤَكِّدُهُ أَيْضًا