الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ:
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ: الطُّوفَانُ الْمَاءُ، وَالْجَرَادُ كَانَ يَأْكُلُ الْمَسَامِيرَ، وَإِنَّ سَفِينَةَ نُوحٍ أَتَتْ الْبَيْتَ فِي جَرَيَانِهَا فَطَافَتْ بِهِ سَبْعًا.
وَإِنَّمَا قَالَ مَالِكٌ هَذَا لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ الْمُفَسِّرِينَ رَوَتْ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ الطُّوفَانَ هُوَ الْمَوْتُ».
وَحَقِيقَةُ الطُّوفَانِ وَهُوَ الثَّانِي أَنَّهُ مَصْدَرٌ مِنْ طَافَ، أَوْ جَمْعٌ، وَاحِدَتُهُ طُوفَانَةٌ، فَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ: {فَطَافَ عَلَيْهَا} القلم: 19 الْآيَةَ. .
الْآيَة التَّاسِعَة قَوْله تَعَالَى وَلُوطًا إذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةََ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} الأعراف: 80.
فِيهَا مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْفَاحِشَةُ: قَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا؛ وَإِنَّمَا ذَكَرَ اللَّهُ هَذِهِ الْمَعْصِيَةَ، وَهِيَ إتْيَانُ الرِّجَالِ بِاسْمِ الْفَاحِشَةِ لِيُبَيِّنَ أَنَّهَا زِنًا، كَمَا قَالَ: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً} الإسراء: 32.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ:
أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ بِأَنَّهُمْ لَمَّا ارْتَكَبُوا هَذِهِ الْفَاحِشَةَ أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ جَزَاءً عَلَى فِعْلِهِمْ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ يُعَزَّرُ؛ قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ. الثَّانِي:
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ: يُحَدُّ حَدُّ الزَّانِي، مُحْصَنًا بِجَزَائِهِ وَبِكْرًا بِجَزَائِهِ.