فَالْجَوَابُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ كَانَ الَّذِي قَالَهُ لَهُ مِنْ حُكْمِهِ لِمَا أَصَابَهُ مِنْ عَقْلِهِ لَمَا جَوَّزَ بَيْعَهُ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْمَعْتُوهِ لَا يَجُوزُ بِخِيَارٍ، وَلَا بِغَيْرِ خِيَارٍ، وَلَكِنَّهُ أَمَرَهُ بِأَنْ يُصَرِّحَ عَنْ قَوْلِهِ، حَتَّى يَقَعَ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ.
الْآيَة الْحَادِيَة عَشْرَة قَوْله تَعَالَى لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍقَوْله تَعَالَى: {لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ} الأعراف: 124.
هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّلْبَ وَقَطْعَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ مِنْ خِلَافٍ كَانَتْ عُقُوبَةً مُتَأَصِّلَةً عِنْدَ الْخَلْقِ تَلَقَّفُوهَا مِنْ شَرْعٍ مُتَقَدِّمٍ فَحَرَّفُوهَا حَتَّى أَوْضَحَهَا اللَّهُ فِي مِلَّةِ الْإِسْلَامِ، وَجَعَلَهَا أَعْظَمَ الْعُقُوبَاتِ لِأَعْظَمِ الْإِجْرَامِ، حَسْبَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ.
الْآيَة الثَّانِيَة عَشْرَة قَوْله تَعَالَى قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌالْآيَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ:
قَوْله تَعَالَى: {قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} الأعراف: 138.
فِيهَا مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي مَعْرِضِ الذَّمِّ: «لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ خَرِبٍ لَدَخَلْتُمُوهُ».
وَثَبَتَ أَنَّهُ «قَالَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ لِأَصْحَابِهِ، وَقَدْ قَالُوا لَهُ: اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ. فَقَالَ: هَذَا، كَمَا قَالَ مَنْ قَبْلَكُمْ: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} الأعراف: 138؛» فَحَذَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اتِّبَاعَ الْبِدَعِ، وَأَمَرَ بِإِحْيَاءِ السُّنَنِ، وَحَثَّ عَلَى