الْأَوَّلُ: «فَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ؛ إمَّا أَنْ يَعْقِلَ أَوْ يُقَادَ»، وَيَكُونَ مَعْنَاهُ: إمَّا أَنْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ، وَإِمَّا أَنْ يَتَّفِقَ مَعَ صَاحِبِهِ عَلَى مُفَادَاةٍ مَعْلُومَةٍ.
التَّنْزِيلُ الثَّانِي: فِي قَوْلِهِ: «يَعْقِلَ أَوْ يُقَادَ»، وَيَكُونُ مَعْنَاهُ: إمَّا أَنْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ أَوْ يَأْخُذَ الْقَوَدَ.
التَّنْزِيلُ الثَّالِثُ: فِي قَوْلِهِ: «يَفْدِيَ أَوْ يَقْتُلَ مِثْلَهُ».
التَّنْزِيلُ الرَّابِعُ: فِي قَوْلِهِ: «إمَّا أَنْ يُعْطِيَ الدِّيَةَ أَوْ يُقَادَ أَهْلُ الْقَتِيلِ»، يَكُونُ مَعْنَاهُ إمَّا أَنْ يُعْطِيَ الدِّيَةَ لَهُ أَوْ يُقَادَ: يُمَكَّنُ مِنْ الْقَوَدِ، وَكَذَا أَهْلُ الْقَتِيلِ؛ لِأَنَّهُ الْحَقِيقَةُ، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْعِبَارَةِ عَنْهُ إنَّمَا كَانَ مَجَازًا فِي الْإِخْبَارِ بِهِ عَنْ وَلِيِّهِ.
التَّنْزِيلُ الْخَامِسُ: فِي قَوْلِهِ: «إمَّا أَنْ يَعْفُوَ أَوْ يَقْتُلَ»، وَهِيَ رِوَايَةُ التِّرْمِذِيِّ، وَهِيَ صَحِيحَةٌ مُتْقَنَةٌ مَضْبُوطَةٌ مَفْهُومَةٌ جَلِيَّةٌ، وَتَكُونُ الْعِبَارَةُ عَنْهُ بِأَنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ إنْ كَانَ جَرِيحًا حَقِيقَةً، أَوْ يُعَبَّرُ عَنْ وَلِيِّهِ بِهِ مَجَازًا؛ لِأَنَّهُ سُلْطَانُ الْأَمْرِ.
قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} الإسراء: 33.
التَّنْزِيلُ السَّادِسُ: فِي قَوْلِهِ: «يُقْتَلَ أَوْ يُقَادَ»، تَقْدِيرُهُ إمَّا أَنْ يُقَادَ بِهِ الْقَاتِلُ بِرِضَاهُ أَوْ يُقْتَلَ، وَكَذَلِكَ تَتَنَزَّلُ التَّقْدِيرَاتُ السِّتَّةُ عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ بِإِسْقَاطِ قَوْلِهِ: لَهُ قَتِيلٌ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ: مَنْ قُتِلَ عِبَارَةً عَنْ فِعْلِهِ فِي حَالِ جُرْحِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، أَوْ يُعَبِّرُ عَنْ وَلِيِّهِ بِهِ، فَهَذَا وَجْهُ الِادِّكَارِ مِنْ الْأَثَرِ بِالنَّظَرِ.
وَأَمَّا طَرِيقُ الْمَعْنَى وَالنَّظَرِ، فَإِنَّ الْوَلِيَّ أَوْ الْقَاتِلَ إذَا وَقَعَ الْعَفْوُ مِنْهُمَا بِالدِّيَةِ، فَإِنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى الْقَاتِلِ قَبُولُهُ دُونَ اعْتِبَارِ رِضَا الْقَاتِلِ؛ لِأَنَّهُ عَرَضَ عَلَيْهِ بَقَاءَ نَفْسِهِ بِثَمَنِ مِثْلِهِ، كَمَا لَوْ عَرَضَ عَلَيْهِ بَقَاءَ نَفْسِهِ فِي الْمَخْمَصَةِ بِقِيمَةِ الطَّعَامِ لَلَزِمَهُ، يُؤَكِّدُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إبْقَاءُ نَفْسِهِ بِمَالِ الْغَيْرِ إذَا وَجَدَهُ فِي الْمَخْمَصَةِ فَأَوْلَى أَنْ يَلْزَمَهُ إبْقَاءُ نَفْسِهِ بِمَالِهِ.
مَسْأَلَةٌ التَّرَاضِي عَلَى الدِّيَةالْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ:
قَالَ الطَّبَرِيُّ: فِي قَوْله تَعَالَى: {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} البقرة: 178 دَلِيلٌ عَلَى عُمُومِ الْوُجُوبِ مِمَّنْ وَقَعَ، يُرِيدُ أَنَّ مَنْ ذَكَرَ الدِّيَةَ وَجَبَ قَبُولُهَا عَلَى الْآخَرِ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ جَانٍ، ثُمَّ رَأَى أَنَّ