قلت (1): وهو تعقب غير مَرْضِيٍّ، بل هو دالّ على قلة اطِّلاع ابن مسدي، وهو معذور لأن أبا جعفر بن المرخي راويها في الأصل، كان مستبعداً لصحة قول ابن العربي، بل هو وأهل البلد حتى قال قائلهم (2):
يا أهل حمص (3) ومن بها أوصيكم
... بالبر والتقوى وصية مشفق
خذوا عن العربيِّ أسمار الدجى
... وخذوا الرواية عن إمام متق
إن الفتى ذربُ اللسان مهذب
.... إن لم يجد خبراً صحيحاً يخلق
وَعَنَى بأهل حمص أهل إشبيلية، فلما حكاها أبو العباس البنّاني لابن مسدي على هذه الصورة، ولم يكن عنده اطلاع على حقيقة ما قاله ابن العربي، احتاج من أجل الذب عن ابن العربي أن يتهم البنّاني، حاشا وكلّا، ما علمنا عليه من سوء، بل ذلك مبلَغُهم من العلم.
وقد تتبعت طرق هذا الحديث، فوجدته كما قال ابن العربي من ثلاثة عشر طريقاً عن الزهري غيرَ طريقِ مالك، بل أزيد، فرويناه".
قال محمد بن الحسين السليماني: وبعد أدق ذكر الحافظ ابن حجر جميع هذه الطرق باستقصاء عجيب قال:
"فهذه طرق كثيرة غيرَ طريقِ مالك عن الزهري عن أنس، فكيف يجمل ممن له ورع أن يتهم إماماً من أئمة المسلمين بغير علم ولا اطلاع، وقد أطلت الكلام على هذا الحديث، وكان الغرض منه الذبّ عن أعراض هؤلاء الحفاظ، والإرشاد إلى عدم الطعن والرد بغير إطلاع.
وآفة هذا كله الإطلاق في موضع التقييد، فقول من قال إن هذا الحديث تفرّد به مالك عن الزهري ليس على إطلاقه، وإنما المراد به بشرط الصحة، وقول ابن العربي إنه رواه من طرق غيرِ طريق مالك إنما المراد به