الأبواب بشيء من شواهدها، وإذا هو يستقصي وإذا هذا الاستقصاء يملي مزيدا من أبواب ومزيدا من شواهد.
يفصح لك عن هذا الذي ارتأيناه قيام أبواب لا أصالة لها في التأليف إلى جانب أبواب لها أصالتها. ونعني بالأولى أبوابه التي لم تنبن على قواعد عامة، أو التي لم يملك هو أن يتوجها بعناوين صريحة، وذلك مثل الباب: الرابع والثمانين، والثامن والثمانين، فأولهما يحمل نوعا آخر من إضمار الذكر، والثاني يحمل نوعا آخر من القراءات.
هذا إلى عقده أبوابا على كلمات يكاد يستوعبها جزء من الصفحة، وانكماشه لا عن قلة شواهدها في كتاب الله بل عن هذا الذي قدمناه، من ذلك قوله في نهاية الباب الثالث والسبعين: فهذه أربع آيات حضرتنا الآن.
وهذه تدلك على أنه لم يدخل إلى هذا التأليف- كما قلنا- مملوء الرأس بالأبواب كلها وبشواهدها، بل دخله ببعضها.
وأبواب هذا الكتاب المتمة تسعين بابا ليست نحوا كلها فتستوي لها أصالتها، بل هي في تنوعها تؤكد لنا هذا الذي ذهبنا إليه، كما تكاد تملي علينا أن المؤلف استملاها من كتب له أخرى في القرآن واقتطعها من هناك ليضمها إلى ما هنا في هذا الكتاب.
والناظر في هذه الأبواب يجد من بينها ما يتصل بالقراءات، مثل بابه الذي عقده للإشمام والروم «1» ، ومثل بابيه اللذين عقدهما لأنواع من القراءات «2» كما يجد فيها ما يتصل بالبيان مثل بابه الذي عقده في التقديم والتأخير «3» ، وبابه الذي عقده في المطابقة والمشاكلة «4» .
وكما يجد فيه ما يتصل بالصرف مثل بابيه «5» : فيما خرج على أبنية التصريف، وفيما جاء من القلب والإبدال، اللهم إلّا إذا عددت الصرف نحوا فلا اعتراض.
ونحن بهذا الذي نلاحظ قد نعني تجريد الكتاب من صفته، وقد نعني تأكيد المعنى الذي سقناه قيل: من أنه كان اجتهادا أملته النظرة أكثر مما أملته الفكرة.
غير أنا لا ندع الحديث عن هذا التخالف بين الأبواب في المنحى يمردون أن نقف وقفة قصيرة لنقول كلمة قصيرة هي من الموضوع وليست بعيدة عنه، وهذه الكلمة