ومن ذلك قوله تعالى: (وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) «1» أي:
الذي ينفقون العفو، فيمن رفع، ومن نصب نصبه بفعل مضمر.
ومن ذلك قوله تعالى: (وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ) «2» أي: لا تقولوا: هو ثالث ثلاثة، أي: لا تقولوا: الله ثالث ثلاثة، لأنه حكى عنهم في قوله: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) «3» فنهاهم عن قول ما حكى عنهم. فالمبتدأ مضمر والمضاف محذوف، لأنهم لم ينتهوا عن قول «ثلاثة» التي تنقص عن أربعة.
ومثله: (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ) «4» قد ثبت أن أن (عِلِّيِّينَ) موضع، بقوله (لَفِي عِلِّيِّينَ) .
وبما في الحديث من قوله عليه السلام: إن أهل الجنة ليتراءون أهل عليين، كما ترون الكوكب الذي في أفق السماء.
فالمعنى: إن كتاب الأبرار في هذا الموضع.
وقال: (وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ (19) كِتابٌ مَرْقُومٌ) «5» .
فالمعنى: عليون موضع كتاب مرقوم، فحذف المبتدأ والمضاف.
وهذا الموضع يشهده المقرّبون من الملائكة.
وقال: (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7) وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ) «6» فا «لسجين» فعيل من «السجن» كأنه موضع متأخر. / فالقول في (كِتابٌ مَرْقُومٌ) كالقول فيما تقدم ذكره.