ذكر فيه وجوهاً، منها حمله على حذف الخبر، أي: أنت الهالك ولم يحمله على حذف المبتدأ، على تقدير: هذا أنت، لأنك لا تشير إلى المخاطب، إلى نفسه، ولا تحتاج إلى ذلك، فإنما تشير إلى غيره. ألا ترى أنك لو أشرت إلى شخصه فقلت: هذا أنت، لم يستقم.
وقال في حد الإضمار: وزعم الخليل أن «ها» هاهنا التي مع «ذا» إذا قلت: هذا، وإنما أرادوا أن يقولوا: هذا أنت، ولكنهم جعلوا أنت بين «ها» و «ذا» وأرادوا أن يقولوا: أنا هذا، وهذا أنا. فقدموها وصارت: أنت وأنا بينهما.
وزعم أبو الخطاب أن العرب الموثوق بهم يقولون: أنا هذا، وهذا أنا.
وبمثلها قال الخليل هذا البيت:
انا اقتسمنا المال نصفين بيننا
... فقلت لها هذا لها وهذا ليا «1»
كأنه أراد أن يقول: وهذا ليا، فصير «الواو» بين «ها» و «ذا» ، زعم أن مثل ذلك: أي ها الله ذا، إنما هو هذا. وقد يكون «ها» في: ها أنت ذا، غير مقدمة، وإنما تكون بمنزلتها للتنبيه «2» في «هذا» . يدلك على ذلك قوله تعالى:
(ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ) «3» / فلو كانت «ها» هاهنا هي التي تكون أولا إذا قلت «هؤلاء» لم تعد «ها» هاهنا بعد «أنتم» .
حدثنا يونس تصديقاً لقول أبي الخطاب أن العرب تقول: هذا أنت تقول كذا وكذا، ولم ترد بقولك: هذا أنت، أن تعرفه نفسه كأنك تريد أن تعلمه أنه ليس غيره. هذا محال. ولكنه أراد أن ينبههه كأنه قال:
الحاضر عندنا أنت، والحاضر القائل كذا وكذا أنت وإن شئت لم تقدم «ها» فى هذا