وقد جاء «ألا» في التنزيل يراد ب «لا» فيه معنى النفي في موضعين في ابتداء الكلام:
أحدهما: قوله (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ) «1» .
والموضع الآخر: (أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ) «2» .
وما ذكرناه من أن قوله: (ما فَرَّطْتُمْ) «3» مبتدأ، و (فِي يُوسُفَ) «4» خبره.
لأنه لا يجوز أن يكون (مِنْ قَبْلُ) «5» خبراً لما نقلناه عن سيبويه، يقودك إليه في قول الشاعر:
وما صحب زهرٍ في السنين التي مضت
... وما بعد لا يدعون إلا الأشائما
ألا ترى أن شارحكم زعم أن «ما» موصولة و «بعد» صلته، ولم يكن له حسّ ولا علم بقول صاحب الكتاب من أن «قبل» و «بعد» في حالتي البناء لا يخبر عنهما ولا بهما، ولا توصل بهما الموصولات.
ف «ما» في البيت زيادة غير موصولة كقوله: (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ) «6» فأما تقدم خبر «كان» على اسمها فقد شاع عنهم، وجاء في التنزيل في مواضع منها: قوله (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ)
«7» فيمن نصب «البر» وقوله: (وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا) «8» وهي قراءة أهل الأمصار أعني قولهم (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا) «9» فيمن نصب.