وإن قدرت «قادرين» : مقدرين عند أنفسهم رفع غلتهم وتحصيلها.
وعلى هذا قراءة من قرأ: (فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ) «1» وقال في موضع آخر: قادرين عليها، أي: على جناها وثمارها عند أنفسهم، فحذف الجار لتقدم ذكره في الكلام، كما حذفه عند الخليل من قوله:
إن الكريم وأبيك يعتمل
... إن لم يجد يوماً على من يتكل «2»
والمعنى عنده: على من يتكل عليه، وكذلك الآية، وهو وجه.
ويبين أن «على» مرادة بدليل قوله في الآية الأخرى: (وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها) «3» أي: على ما أخرجت من ثمر وجنى.
وقوله: (خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ) «4» أي: قدره على الاستواء، فحذف الجار والمجرور، لقوله (ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا) «5» ، وقدره على هذه الصورة التي هو عليها.
وقيل: أخرجه على التقدير.
وقيل: جعله على مقدار تقتضيه الحكمة.
وقيل: قدره أحوالاً: نطفة تارة، وعلقه أخرى، ثم مضغة، إلى أن أتت عليه أحواله وهو في رحم أمه.
وقيل: وقوع التقدير هنا بين الخلق وتيسير السبيل.
وتيسير السبيل، يحتمل أن يكون بمعنى الإقدار، لأن فعل وأفعل أختان.