الثاني في نقل «فعل» إلى «فعل» محذوف، ولو لم يحذف كان كقوله:
(يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ) «1» .
وأما قوله تعالى: (وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا) «2» فيمن قرأ «تلوا» فمعناه والله أعلم: الإقبال عليهم، والمقاربة لهم في العدل في قسمهم.
ألا ترى أنه قد عودل بالإعراض في قوله تعالى: (أَوْ تُعْرِضُوا) ، فكان قوله: (وَإِنْ تَلْوُوا) ، كقوله: إن أقبلتم عليهم ولم تعرضوا عنهم.
فإن قلت: فهل يجوز أن يكون في «تلوا» دلالة على المواجهة فتجعل قوله (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ) «3» منقولاً من هذا ثم اقتضى المواجهة، وتستدل على ذلك بمعادلته: على خلاف، الذي هو الإعراض.
فالقول إن ذلك في هذه الكلمة ليس بالظاهر، ولا في الكلمة دلالة على هذه المخصوصة التي جاءت في قوله: (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها) «4» .
وإذا لم يكن عليها دلالة، لم يصرفها عن الموضع الذي/ جاء فيه فلم يتعدها إلى سواها.
وقوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ) «5» فالضمير في «عنه» إذا جعلته للرسول احتمل أمرين:
(لا تَوَلَّوْا عَنْهُ) : لا تنفضوا عنه، كما قال: (انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً) «6» .