وجاز أن ينسب الإنساء إلى الله، وإن كانوا هم/ الفاعلون له، والمذمومون عليه، كما قال: (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى) «1» .
فأضاف الرمي إلى الله، لما كان يقويه إقداره، فكذلك نسب الإنساء إليه لما لم يلطف لهذا المنسي كما لطف للمؤمن الذي قد هدى.
وكذلك قوله تعالى: (وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا) «2» أي:
الاستعداد للقاء يومكم هذا، والعمل من التخلص من عقابه.
وأما قوله تعالى: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ) «3» فعلى معنى الترك، لأنه إذا كان المقابل للذكر لم يكن مؤاخذاً.
وقوله تعالى: (وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ) «4» أي: نسي السامري أي: ترك التوحيد باتخاذه العجل، وقيل: نسي موسى ربه عندنا، وذهب يطلبه في مكان آخر.
وأما قوله تعالى: (اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ) «5» . فإن إنساء الشيطان هو أن يسول له، ويزين الأسباب التي ينسى معها. وكذلك: (فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ) «6» .
ويجوز أن يكون الضمير في «أنساه» ليوسف، أي: انسى يوسف ذكر ربه.
كما قال: (وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى) «7» .