أجر الذين صبروا، فحذف المضاف. ويكون «الذين» فى موضع الرفع لقيامه مقام الآخر. ويجوز أن يكون «الذين» في موضع الجر والتقدير:
فنعم أجر العاملين الصابرين أجرهم، فحذف المخصوص بالمدح.
ومن ذلك قوله تعالى: (فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها) «1» أي: سالت مياه أودية.
وكذلك قوله تعالى (بِقَدَرِها) يعني بقدر مياهها. ألا ترى أن المعنى ليس على أنها سالت بقدر أنفسها لأن أنفسها على حال واحدة، وإنما تكون كثرة المياه وقلتها، وشدة جريها ولينه على قدر قلة المياه المنزلة وكثرتها.
ومن حذف المضاف قوله تعالى: (إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ) «2» بالتاء ونصب الباء «3» . والمعنى: هل تستطيع سؤال ربك؟ فحذف المضاف. وذكروا الاستطاعة في سؤالهم لأنهم شكوا في استطاعته، ولكنهم ذكروه على وجه الاجتماع عليه منهم، كأنهم قالوا:
إنك تستطيع فما يمنعك؟ مثل ذلك قولك لصاحبك: أتستطيع أن تذهب عني/ فإني مشغول؟ أي: اذهب لأنك غير عاجز عن ذلك.
وأما «أن» في قوله: (هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ) فهو من صلة المصدر المحذوف، ولا يستقيم الكلام إلا بتقدير ذلك. ألا ترى أنه لا يصلح:
هل تستطيع أن يفعل غيرك؟ وإن الاستفهام لا يقع عنه، كما لا يصح في الإخبار: أنت تستطيع أن يفعل زيد. «وأن» في قوله (أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا) «4» متعلق بالمصدر المحذوف على أنه مفعول به.