ومن ذلك قوله: (وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا) «1» . أي: وادعوا شهداءكم، ولن تفعلوا، واتقوا النار.
ومن هذا الباب عندى دون سائر النحويين:
قوله: (أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) «2» .
وقوله: (إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) «3» .
وقوله: (أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ) «4» ف «إذا» فى هذه الآي محمول على ما بعد «إن» ، وجاز ذا لأنه ظرف.
وقد تصالح الأستاذ والغلام «5» على أن الظرف يعمل فيه الوهم ورائحة الفعل، وحكى عنه ذلك في مواضع، ولكنهم تعاضدوا في هذه الآي وأجمعوا أن ذا محمول على مضمر دون ما بعد «إن» .
وقد قال «6» سيبويه في ذلك: وسألت الخليل عن قوله: أحقا إنك لذاهب؟ فقال: لا يجوز كما لا يجوز: يوم الجمعة إنه لذاهب.
قال أبو سعيد: لأن «أحقا» ، و «يوم الجمعة» في مذهب الظرف، ولا يجوز نصبهما بعد «إن» لأنه لا يعمل فيما قبل «إن» ما بعدها، وإنما تنصبها كما تنصب «خلفك زيد» ، ولا يجوز: «خلفك إن زيدا ذاهب» ، وإنما يقال: خلفك زيد ذاهب، كما تقول: خلفك ذهاب زيد، فإذا لم يجز:
خلفك إن زيدا: ذاهب. فقولك: خلفك إن زيدا لقائم، أبعد في الجواز، لمنع اللام من اتصال ما قبلها بما بعدها، ولا يجوز أيضا: أحقا إنه لذاهب، صح بفتح «أن» مع اللام، لأن «اللام» يوجب أن ما بعدها جملة مستأنفة.