وهم يقولون: ما قبل «إلا» لا يعمل فيما بعده، إذا كان الكلام تاما.
وحدثتك غير مرة ما زعم أن «بادئ الرأى» محمول على الظرف، لأن الظرف يعمل فيه الوهم. فربما يقول هنا: إن الحال يشبه الظرف. وقد بيّنا شبهه بالظرف فيما سلف.
ومن التقديم والتأخير قوله: (وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ ما فِي صُدُورِكُمْ) «1» ، تقديره: ثم صرفكم عنهم ليبتليكم وليبتلى الله ما في صدوركم، فيكون كقوله: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ) «2» ، وقوله: (وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ) «3» . هذا كله على أفعال مضمرة. قد ذكرناه في حذف الجمل ولم نحكم بزيادة الواو.
ومن ذلك قوله تعالى: (لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) «4» . والتقدير: إلى أجل مسمى إلى البيت العتيق، ثم محلها، ف «إلى» الأولى تتعلق بالظرف، أعنى: «لكم» و «إلى» الثانية متعلقة بمحذوف فى موضع الحال «من منافع» ، أو من الضمير، أي: واصلة إلى البيت العتيق، «ثم محلها» ، أي: محل نحرها.
قال مجاهد: ثم محل البدن والهدايا إلى البيت العتيق إلى أرض الحرم، فعلى هذا لا تقديم ولا تأخير.
وقيل: معناه: ثم محلكم أيها الناس من مناسك حجكم.
وعن أبى موسى: محل هذه الشعائر كلها الطواف بالبيت.
وقيل: ثم محلها منافع أيام الحج إلى البيت العتيق بانقضائها. روى ذلك ابن وهب.