وقال عكرمة: نسختها آية الفرائض، وممن ذهب إلى هذا القول قتادة، وأبو الشعثاء وأبو صالح وعطاء في رواية (1).
ذكر الآية الرابعة: قوله تعالى: وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً النساء: 9 في المخاطبين بهذه الآية ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه خطاب للحاضرين عند الموصي. ثم في معنى الكلام على هذا القول قولان:
الأول: أن المعنى وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا وليخش الذين يحضرون موصيا يوصي في ماله أن يأمروه بتفريق ماله فيمن لا يرثه فيفرقه ويترك ورثته، ولكن ليأمروه أن يبقى ماله لأولاده كما لو كانوا هم الذين يوصون لسرهم أن يحثهم من حضرهم على حفظ الأموال للأولاد، وهذا المعنى مروي عن ابن عباس، والحسن ومجاهد، وسعيد بن جبير، وقتادة، والضحاك، والسدي، ومقاتل.
والثاني: على الضد، وهو أنه نهي لحاضري الموصي عند الموت أن يمنعوه عن الوصية لأقاربه، وأن يأمروه الاقتصار على ولده، وهذا قول مقسم وسليمان التميمي.
القول الثاني: أنه خطاب لأولياء اليتامى، راجع إلى قوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا النساء: 6 فقال تعالى:- يعني أولياء اليتامى- وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ فيمن ولوه من اليتامى وليحسنوا إليهم في أنفسهم وأموالهم كما يحبون أن يحسن ولاة أولادهم لو ماتوا هم إليهم، وهذا مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضا.
والقول الثالث: أنه خطاب للأوصياء بإجراء الوصية على ما رسم الموصي وأن يكون الوجوه التي فيها مرعية بالمحافظة، كرعي الذرية الضعاف من غير تبديل، ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ البقرة: 182، فأمر بهذه الآية إذا وجد الوصي من الموصي في الوصية جنفا أو ميلا عن الحق فعليه الإصلاح في ذلك، واستعمال قضية الشرع ورفع الحال الواقع في الوصية. ذكره شيخنا علي بن عبيد الله وغيره، وعلى هذا القول تكون الآية منسوخة، وعلى الأقوال قبلها هي محكمة. والنسخ منها بعيد، لأنه إذا أوصى بجور لم يجز أن يجري على ما أوصى.