قال: ابنا أبو بكر بن أبي داود، قال: بنا محمد بن الحسين قال: بنا كثير بن يحيى قال: بنا أبي، قال: بنا أبو بكر الهدبي، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قالت اليهود: إن محمدا مخالف لنا في كل شيء فلو تابعنا على قبلتنا، أو على شيء تابعناه، فظن النبي صلّى الله عليه وسلّم أن هذا منهم جد، وعلم الله منهم الكذب، وأنهم لا يفعلون فأراد الله أن يبين ذلك لنبيه صلّى الله عليه وسلّم فقال: إذا قدمت المدينة فصلّ قبل بيت المقدس، ففعل ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقالت اليهود: قد تابعنا على قبلتنا ويوشك أن يتابعنا على ديننا، فأنزل الله عزّ وجلّ: وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ فقد علمنا أنهم لا يفعلون، ولكن أردنا أن نبين ذلك لك.
وقال الحسن وعكرمة وأبو العالية والربيع: بل كان برأيه واجتهاده.
وقال قتادة: كان الناس يتوجهون إلى أي جهة شاءوا، بقوله تعالى: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ثم أمرهم النبي صلّى الله عليه وسلّم باستقبال بيت المقدس.
وقال ابن زيد: كانوا ينحون أن يصلوا إلى قبلة شاءوا، لأن المشارق والمغارب لله، وأنزل الله تعالى: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «هؤلاء يهود قد استقبلوا بيتا من بيوت الله- يعني بيت المقدس- فصلوا إليه» فصلّى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه بضعة عشر شهرا، فقالت اليهود: ما اهتدى لقبلته حتى هديناه، فكره النبي صلّى الله عليه وسلّم قولهم ورفع طرفه إلى السماء فأنزل الله تعالى: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ (1) البقرة: 144.
32- أخبرنا المبارك بن علي، قال: ابنا أحمد بن الحسين بن قريش، قال: ابنا أبو إسحاق البرمكي، قال: ابنا محمد بن إسماعيل الوراق، قال: بنا أبو بكر بن أبي داود، قال: بنا محمد بن أيوب قال: بنا أحمد بن عبد الرحمن، قال: بنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، قال: حدّثني أبو العالية: أن نبيّ الله خيّر بين أن يوجه حيث يشاء، فاختار بيت المقدس، لكي يتألف أهل الكتاب، ثم وجهه الله إلى البيت الحرام.
واختلف العلماء في سبب اختياره بيت المقدس على قولين:
الأول: أن العرب لما كانت تحج ولم تألف بيت المقدس، أحب الله امتحانهم بغير ما ألفوه ليظهر من يتبع الرسول ممن لا يتبعه، كما قال تعالى: