بقوله: {وَلَا تَقُولُوا} على التضمين، كأنه قيل: ولا تذكروا إلّا الحقَّ. ولك أن تجعله نعتًا لمصدر محذوف، أي: إلّا القول الحق، وهو تنزيه الله عن الشريك والولد.
وقوله: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ} (المسيح) رفع بالابتداء، وخبره {رَسُولُ اللَّهِ}، و {عِيسَى} بدل أو عطف بيان، وقد ذكر فيما سلف من السورة (1).
و{وَكَلِمَتُهُ}: عطف على {رَسُولُ اللَّهِ}. و {أَلْقَاهَا}: في موضع الحال وقد معه مرادةٌ، واختلف في ذي الحال وعاملها على ثلاثة أوجه:
أحدها: أن ذا الحال الكلمة وعاملها معناها، وهو الإِنشاء والاختراع؛ لأنه وُجد بكلمة الله وأمره من غير واسطة أب أو نطفة.
والثاني: أن ذا الحال وعاملها كلاهما محذوف، أي: وكلمته إذ كان ألقاها، فإذ ظرف للكلمة، وكان فعل حقيقي بمنزلة وجد وحدث، وفيه ضمير يعود إلى الله جل ذكره، و {أَلْقَاهَا} حال منه، والعامل كان؛ لأنه فعل حقيقي كسائر الأفعال.
والثالث: أن ذا الحال الهاء المجرورة في {وَكَلِمَتُهُ}، والعامل فيها معنى الإِضافة، أي: وكلمة الله ملقيًا إياها.
ومعنى {أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ}: أوصلها إليها وحصَّلَها فيها (2).
و{وَرُوحٌ مِنْهُ}: عطف على قوله: {رَسُولُ اللَّهِ}، وقيل: عطف على المستكن في {أَلْقَاهَا} على أنه جبريل صلوات الله عليه، أي: ألقى الله وجبريلُ الكلمةَ إلى مريم (3). والضمير في {مِنْهُ} و {وَكَلِمَتُهُ} لله جل ذكره.