قوله عز وجل: {وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا} قيل: قَفَّيْتُهُ مثل عَقَّبْتُهُ، إذا اتَّبَعْتُهُ، ثم يقال: قَفَّيته بفلان وعَقَّبته به، فتُعديه إلى الثاني بزيادة الباء، والمفعول الأول في الآية محذوف، والظرف الذي هو {عَلَى آثَارِهِمْ} كالسَّادِّ مَسَدَّهُ، لأنه إذا قَفَّى به على أَثَرِهِ فقد قَفَّى به إياه (1).
و{مُصَدِّقًا} منصوب - على الحال من {عِيسَى}. و {مِنَ التَّوْرَاةِ} في موضع نصب على الحال من المستكن في الظرف، وهو الراجع إلى (ما).
وقوله: {فِيهِ هُدًى وَنُورٌ} محل الجملة التصب على الحال من {الْإِنْجِيلَ}، و {مُصَدِّقًا} عطف على محل الجملة، وإن شئت عطفت على {مُصَدِّقًا} الأول، فيكون حالًا من {عِيسَى}، وعلى الأول حال من {الْإِنْجِيلَ}.
وقوله: {وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} يحتمل أن يكونا حالين من الإِنجيل، أو من {عِيسَى} - عَلَيْهِ السَّلام - أي: هاديًا وواعظًا، أو ذا هُدًى وذا موعظةٍ، وأن يكونا مفعولين لهما، كأنه قيل: وللهدى والموعظة آتيناه الإِنجيل، ويجوز رفعهما وبه قرأ بعض القراء (2) عطفًا على لفظ {فِيهِ هُدًى وَنُورٌ}.
{لِلْمُتَّقِينَ}: في محل النصب. أو الرفع على النعت للموعظة.
{وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47)}:
قوله عز وجل: (وَلِيَحْكُمَ) قرئ: بكسر اللام ونصب الميم على أنها لام كي، وهي متعلقة بـ {وَقَفَّينَا}، أو بـ {وَآتَيْنَاهُ} (3)؛ أي: وَقفَّينا ليؤمنوا