لتجدن المعطوف، و {الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى} الثاني. و {مَوَدَّةً}، تمييز أيضًا، و {لِلَّذِينَ}، متعلق بالمودة. والمودَّة: المحبة، والعامل في التمييز: أشد، وأقرب.
وقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ}: ابتداء وخبر، والإِشارة إلى وصفهم بقرب المودة، و {قِسِّيسِينَ} اسم أنّ، و {مِنْهُمْ} الخبر.
والقَسِّيس: العابد، والقَسُّ مثله، وأصله في اللغة التتبع، يقال: قَسَّ الشيءَ يَقُسُّه قَسًّا، إذا تتبعه وطلبه، ثم صارَ كالعَلَم على رئيس من رؤساء النصارى في العبادة والطاعة (1).
والرهبان: جمع راهب، كراكب وركبان، ومصدره: الرَّهْبَةُ والرهبانية.
وقيل: إن الرُّهبان يكون واحدًا وجمعه: رهابين ورهابنة أيضًا (2).
وقوله: {وَأَنَّهُمْ} عطف على (بأنهم) (3).
{وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83)}:
قوله عز وجل: {تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ} (ترى) من رؤية البصر. و {تَفِيضُ}: في موضع نصب على الحال من {أَعْيُنَهُمْ}، أي فائضة. والفيض: السيلان عن شدة امتلاء، يقال: فاضَ الماءُ يَفِيضُ فَيْضًا وفَيْضُوضَةً (4)، إذا سال من كثرته، وكذا هنا تمتلئ أعينهم من الدمع حتى تفيضَ، فوضع الفيض الذي هو من الامتلاء موضع الامتلاء، وهو من إقامة المُسَيِّبِ مقام السبب.