وقرئ: (تُرِيْ إبراهيمَ ملكوتُ السماوات) بالتاء النقط من فوقه ورفع الملكوت (1) على الفاعلية على معنى: تبصره دلائل الربوبية والإلهية.
والملكوت: الملك، والواو والتاء مزيدتان للمبالغة كاللتين في الجبروت، والرحموت، والرهبوت.
وقوله: {وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} عطف على محذوف، أي: عرّفنا إبراهيم ذلك ليستدل وليكون من الموقنين.
وقيل: التقدير: وليكون من الموقنين أريناه (2).
{فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (76)}:
قوله عزَّ وجلَّ: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ} قيل: هذا عطف على {قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ} (3)، وما بينهما معترض، وهو قوله: {وَكَذَلِكَ} إلى قوله: {مِنَ الْمُوقِنِينَ}، وقد مضى الكلام على (لما) وأصلها فيما سلف من الكتاب.
ومعنى {جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ}: أي ستره بظلمته، يقال: جَنَّ عليه الليل يَجُنُّ جُنونًا، وجَنَّه الليل أيضًا وأجنه إجنانًا بمعنًى، إلّا أن بين قولهم: جن عليه الليل، وجنه الليل فُرَيْقًا في المعنى. وذلك أن قولهم: جن عليه، بمعنى أظلم عليه، فلذلك عُدِّي بالجار، وجنَّهُ، بمعنى ستره، ولذلك عُدي بنفسه، فاعرفه.
وقوله: {رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي} (رأى) يحتمل أن يكون حالًا من الضمير في {عَلَيْهِ}، وعامل لمّا وجوابها {قَالَ}، وأن يكون عاملها