وقوله: {فَلَمَّا أَفَلَ} أي: غاب، يقال: أَفَلَ الشيءُ يَأْفِلُ ويَأْفُلُ أُفُولًا، أي: غاب.
ومعنى {لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ}: لا أحب عبادة الأرباب المتغيرين من حال إلى حال؛ لأن ذلك من صفات المخلوقين لا من صفات رب العالمين.
قيل: وإنما احتج عليهم بالأفول دون البزوغ، وكلاهما انتقال من حال إلى حال؛ لأنَّ الاحتجاج بالأفول أظهر؛ لأنه انتقال مع خفاء واحتجاب (1).
{فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (78)}:
قوله عزَّ وجلَّ: {رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا} و {الشَّمْسَ بَازِغَةً} كلاهما منصوب على الحال، لأنَّ رأى هنا من رؤية العين.
ومعنى بازغًا: أي مبتدئًا في الطلوع، يقال: بَزَغَ القمر يَبْزُغُ بزوغًا، إذا ابتدأ في الطلوع، وكذلك الشمس، وإنما قال {هَذَا} والإِشارة إلى الشمس، والشمس مؤنثة، ليكون المُخْبَرُ عنه كالخبر، لكونهما عبارة عن شيء واحد، حقولهم: من كانت أمك؟ و {لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا} (2).
قيل: وكان اختيار هذه الطريقة واجبًا لصيانة الرب عن شبهة التأنيث، ألا تراهم قالوا في صفة الله جل ذكره: علّام، ولم يقولوا: علامة، وإن كان العلّامة أبلغ احترازًا من علامة التأنيث (3)، أو لأنَّ الشمس والضياء بمعني، كما أن الموعظة والوعظ كذلك، ويحتمل أن يكون قصد الجِرْمَ، أو