وقوله: {كُلًّا هَدَيْنَا} (كُلًّا) نصب بـ {هَدَيْنَا}، أي: كلًّا منهما، أو منهم. {وَنُوحًا} نصب بـ {هَدَيْنَا} الثاني.
وقوله: {مِنْ قَبْلُ} أي: من قبل هؤلاء المذكورين، فلما قُطع عن الإِضافة بُني.
وقوله: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ} الضمير في (ذريته) لنوح، و (داود) عطف على {وَنُوحًا}، أي: وهدينا من ذريته داود، والمذكورون بعد داود - عَلَيْهِ السَّلَام - كُلٌّ عطف عليه، أعني على نوح، أي: وهدينا من ذريته هؤلاء، وقيل: الضمير في {ذُرِّيَّتِهِ} لإِبراهيم، أجازه أبو إسحاق وغيره.
قال أبو إسحاق: يجوز أن يكون الضمير لنوح، وأن يكون لإِبراهيم؛ لأنَّ ذكرهما جميعًا قد جرى (1).
والأول هو الوجه وعليه الأكثر؛ لأنَّ من جملة المذكورين بعد داود: يونس ولوطًا، وليسا من ذرية إبراهيم، إنما كانا من ذرية نوح - عَلَيْهِ السَّلَام - فيما ذكر المفسرون (2).
وليس لقائل أن يقول: هما معطوفان على نوح، إذ ليس الوجه في الكلام أن يختلف العطف مع المندوحة عنه، ولو رفع {دَاوُودَ} وما بعده من أسماء الأنبياء - عَلَيْهِمُ السَّلَامْ - لكان جائزأً في العربية، وليس لأحد أن يقرأ به؛ لأنَّ القراءة سنة متبعة يأخذها الخلف عن السلف من غير اعتراض.
وقوله: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي} الكاف في موضع نصب على أنَّه نعت لمصدر محذوف، أي: ونجزي المحسنين جزاء مثل ذلك، وذلك أن الله عزَّ وجلَّ لما هداهم ووفقهم أحسنوا في أفعالهم وأعمالهم، زادهم هدى وآتاهم تقواهم وثبتهم عليه وجعل ذلك جزاءً لهم، ويفعل مثل ذلك بأمثالهم ونظرائهم، هذا