وقوله: {وَإِنْ كُنَّا} (إن) هي المخففة من الثقيلة، واللام في {لَغَافِلِينَ} هي الفارقة بينها وبين النافية، والأصل: وأنه كنا عن دراستهم غافلين، على أن الهاء ضمير الشأن والحديث، هذا مذهب أهل البصرة، وقال أهل الكوفة: هي إن النافية بمعنى ما، واللام بمعنى إلَّا.
و{عَنْ}: متعلقة بغافلين، أي: عن قراءتهم، أي: لم نعرف مثل دراستهم.
{أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ (157)}:
قوله عز وجل: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ} (من) الأولى استفهامية، والثانية تحتمل أن تكون موصولة، وأن تكون موصوفة.
والجمهور على تشديد الذال في (كذّب)، وقرئ: بتخفيفها (1) على تضمين كَذَبَ معنى كَفَرَ؛ لأن معنى كذب بالشيء وكفر به سواء، والذي حملني على هذا التضمين إتيان الباء في {بِآيَاتِ اللَّهِ}.
وقوله: {وَصَدَفَ عَنْهَا} إي: وأعرض عنها، والصَّدْفُ والصُّدُوف: الإِعراض، والمعنى: لا أحد أظلم ممن كذب بآيات الله بعدما عرف صحتها وصدقها، أو تمكن من معرفة ذلك وأعرض عنها من غير استدلال ولا تفكر.
{هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (158)}: