{قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161)}:
قوله عز وجل: {دِينًا} انتصب على أحد ثلاثة أوجه:
إمَّا على البدل من محل {إِلَى صِرَاطٍ}، لأن معناه: هداني صراطًا، بشهادة قوله جل ذكره: {وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} (1).
أو على تضمين {هَدَانِي} معنى عرَّفني؛ لأنه في معناه.
وإمَّا على إضمار فعل دلَّ عليه {هَدَانِي} إمَّا من لفظه وإمَّا من معناه، أي: هداني أو عرفني دينًا. أو على إضمار: اعرفوا دينًا؛ لأن هدايتهم إليه تعريف لهم.
و(قَيِّمًا) (2) صفة له، وهو فَيْعِلٌ من قام، كسيِّد من ساد، وهو أبلغُ من القائم.
وقرئ أيضًا: (قِيَمًا) بكسر القاف وفتح الياء وتخفيفها (3)، وهو مصدر كالشِّبَع، بمعنى القيام وُصف به، وأصله قِوَمٌ، من قام، وإنما أُعِلَّ كما أُعل فعله لجريانه عليه، ولذلك صحح نحو حِوَل، ولم يُعلّ لأنه ليس بجارٍ على فِعْلِه، وفعله مصحح وهو احْوَلَّ كاحمرَّ.
وقوله: {مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} (ملة) عطف بيان، أو بدل من دين، أو على إضمار فعل.
و{حَنِيفًا}: حال من {إِبْرَاهِيمَ}، أو على إضمار أعني، وقد مضى الكلام عليه فيما سلف من الكتاب بأشبع من هذا (4).