أي: فما كان دعواهم إلّا اعترافهم ببطلانه وفساده وقولهم: {إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ} فيما كنا عليه.
{فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6)}:
قوله عز وجل: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ} الفاء لعطف جملة على جملة، واللام لام القسم.
فإن قلتَ: لِمَ جيء بالفاء هنا مع تراخي ما بين الثاني والأول، وإنما هذا وشبهه من موضع ثم؟ قلتُ: قيل: لتقريب ما بينهما بشهادة قوله جل ذكره: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ} (1) و: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} (2)، {وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ} (3).
و{أُرْسِلَ} مسند إلى الجار والمجرور وهو {إِلَيْهِمْ}، والمعنى: فلنسألن المرسل إليهم وهم الأمم الذين أتاهم الرسل يسألهم عما أجابوا به رسلهم، كما قال: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} (4).
{وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ}: يسألهم عما أجيبوا به، كما قال: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ} (5).
{فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ (7)}:
قوله عز وجل: {فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ} الضمير في {عَلَيْهِمْ} للرسل والمرسل إليهم، ومفعول (نقصن) محذوف، وهو ما كان منهم في الدنيا.
و{بِعِلْمٍ}: في موضع الحال من المستكن في (نقصن)، أي: عالمين بأحوالهم الظاهرة والباطنة، وأقوالهم وأفعالهم الصادرة منهم.