أحدهما: ضمير الشأن والحديث، أي: وإن الشأن والحديث.
والثاني: ضمير اسم الله جل ذكره، أي: وإنَّا وجدنا أكثرهم فاسقين، أي: خارجين عن الطاعة مارقين منها كما يمرق السهم من الرَّمِيَّةِ.
واللام في {لَفَاسِقِينَ} هي الفارقة بين أن المخففة وأن النافية، هذا مذهب صاحب الكتاب - رحمه اللهُ - (1)، ومذهب غيره: أن (إن) بمعنى ما، واللام بمعنى إلَّا، وقد ذكر فيما سلف من الكتاب (2).
فإن قلت: {وَجَدْنَا} هنا بمعنى علمنا، أو بمعنى صادفنا؟ قلت: بمعنى علمنا؛ لأنَّ أن المخففة واللام الفارقة لا تدخلان إلَّا على المبتدأ والخبر، والأفعال الداخلة عليهما لا تكون إلَّا من أفعال القلوب.
{ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103) وَقَالَ مُوسَى يَافِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}:
قوله - عز وجل -: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ} في الضمير في قوله: {مِنْ بَعْدِهِمْ} وجهان:
أحدهما: للرسل في قوله: {وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ} (3).
والثاني: للأمم.
وقوله: {فَظَلَمُوا بِهَا} عُدّي الظلم بالباء إجراء له مجرى الكفر؛ لأنهما من وادٍ واحد، بدليل قوله: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (4). وقيل: المفعول