فإن قلت: لِمَ دخلت أن مع إمّا ها هنا ولم تدخل معه في قوله: {إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ} (1)؟ قلت: قيل: لأن في {إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ} معنى الأمر، كأنه قيل: اختر إما أن تلقي أنت، وإما أن نلقي نحن، والأمر مستقبل، و (أن) عَلَمٌ للاستقبال، فلما كان كذلك دخلت أن هنا لتحقيق هذا المعنى، ولم تدخل ثَمَّ؛ لأنه خبر، والخبر لم يحتج إلى أن (2).
وقوله: {وَاسْتَرْهَبُوهُمْ} عطف على {سَحَرُوا}، ومعنى استرهبوهم: أرهبوهم، يقال: أرهبه واسترهبه، إذا أخافه.
{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117)}:
قوله عز وجل: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ} أن: تحتمل أن تكون مفسرة بمعنى أي، وأن تكون مع ما بعدها في تأويل المصدر.
وقوله: {فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ} قرئ: (تلَقّف) بفتح اللام وتشديد القاف (3)، وأصله تتلقف، فحذفت إحدى التاءين.
وقرئ: بتشديد التاء في الإِدراج (4) على الإِدغام.
وقرئ: (تَلْقَف) بإسكان اللام وتخفيف القاف (5)، على أن ماضيه لقِف كَعَلِمَ، يقال: لَقِفْتُ الشيء بالكسر أَلْقَفُهُ لَقَفًا، إذ تناولته بسرعة.
و{مَا}: تحتمل أن تكون موصولة بمعنى: الذي يأفكونه، أي: يقلبونه عن الحق إلى الباطل ويُزَوِّرُونه، يقال: أَفَكَ الشيءَ يَأْفِكُهُ، إذ قلبه وصرفَهُ عن