رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143)}:
قوله عز وجل: {لِمِيقَاتِنَا} من صلة (جاء)، أي: جاء لوقتنا الذي وقتنا له وحددناه.
قيل: ومعنى اللام للاختصاص، فكأنه قيل: واختص مجيئه بميقاتنا، كما تقول: أتيته لعشر خَلَونَ من الشهر (1).
وقوله: {أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} (أنظر) مجزوم على جواب شرط محذوف، وقد ذكر نظيره في غير موضع، و (أرى) هنا منقول من رأيت الذي يراد به إدراك البصر، فلما نقل بالهمز تعدى إلى مفعولين، وثاني مفعوليه محذوف، وإنما حذف لأن ما يتعلق بالفعل الثاني يدل عليه، ومعنى الكلام يقتضيه، تقديره: أرني نفسك أنظر إليك، أي: اجعلني متمكنًا من رؤيتك بأن تتجلى لي فأنظر إليك، ولذلك أجابه بقوله: {لَنْ تَرَانِي}، ولم يقل: لن تنظر إليَّ، لقوله: {أَنْظُرْ إِلَيْكَ}.
وقوله: {جَعَلَهُ دَكًّا} الدك: مصدر قولك: دَكَّه يدكُّه دكًّا، إذا دقه وسحقه، والدَّكُّ والدَّقُ أخوان، ومنه ناقة دكّاء، وهى التي التصق سنامها بظهرها، وانتصابه هنا يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون مفعولًا ثانيًا لجعل، أي: صيره مدكوكًا، تسمية للمفعول بالمصدر كخَلْقِ الله، وضَرْبِ الأمير، أو ذا دَكٍّ.
والثاني: أن يكون مصدرًا على بابه؛ لأن جعل ودك متقاربان، فكأنه قيل: دكه دكًا.
وقرئ: (دكاء) بالمد وترك الصرف (2) على حذف الموصوف وإقامة