{وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176)}:
قوله عزَّ وجلَّ: {وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ} أي: مال إلى الدنيا وركن إليها، يقال: أخلدت إلى فلان، إذا ركنت إليه، ومنه: أخلد بالمكان، إذا أقام به ولزمه.
وقوله: {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ} ابتداء وخبر.
وقوله: {إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ} محل الجملة كلها النصب على الحال من {الْكَلْبِ}، والعامل فيها ما في المثل من معنى الفعل، كأنه قيل: يشبه الكلب ذليلًا دائم الذلة لاهثًا في الحالتين، يقال: لَهَثَ الكَلْبُ يلهَثُ بالفتح فيهما لَهْثًا ولُهاثًا، إذا أخرج لسانه من التعب والعطش.
ومعنى لَهْثِهِ في الحالتين: أنك إذا طردته وحملت عليه بالطرد نبح وولى هاربًا، وإن تركته شد عليك ونبح، فيتعب نفسه مقبلًا عليك ومدبرًا عنك، فيعتريه عند ذلك ما يعتريه عند العطش من إخراج اللسان.
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: الكلب منقطع الفؤاد، يلهث إن حُمل عليه، أو لم يُحملْ عليه (1).
وقوله: {ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ} مبتدأ وخبر، والإِشارة إلى ما ذكر ووصف.
{سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (177) مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (178)}: