وعوضت الخبر، فلذلك لم يُسكتْ على اسمها دون خبرها، فإذا جعلتَ صلتها {كَانُوا} دون (يُكَذِبوُنَ) كنتَ جامعًا بين العَوَضِ والمُعَوَّض، وذلك لا يجوز في حال السعة والاختيار مع استعمالك ما رفضوه.
فإن قلتَ: هل يجوز أن تكون كان هنا مزيدة؟ قلتُ: لا يجوز ذلك، لأن المزيدة تقع حشوًا أو آخرًا، وها هنا واقعة أولًا، أعني قبل اسمها.
فإن قلتَ: هل يجوز أن تكون (ما) موصولة، ويكون العائد محذوفًا، كأنه قيل: بالذي كانوا يكذّبونه؟ قلتُ: لا يمتنع ذلك، غير أن كونها مصدرية أولى؛ لأنها إذا كانت مصدرية لم تحتج إلى حذف وإضمارٍ.
والكذب: الإخبار بالشيء على خلاف ما هو به، وفي الحديث: "إياكم والكذبَ فإنه مُجانِبٌ للإيمان" (1)، ونقيضه الصدق، والتكذيب: نسبة المخبِر إلى الكذب. والكذب، والباطل، والفاسد، نظائر في المعنى.
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11)}:
{إِذَا}: ظرف لما يستقبل من الزمان، فيه معنى الشرط، في موضع نصب، وفي ناصبه ثلاثةُ أوجهٍ:
أحدها: جوابه وهو {قَالُوا}، لأنه ليس بشرطٍ محضٍ.
والثاني: فعل مضمر يدل عليه {قَالُوا}، لأن {إِذَا} فيه معنى الشرط، وجوابه {قَالُوا}، والجواب لا يعمل فيما قبله من الشرط، لئلا يختلط معنى الشرط بمعنى الجواب.
والثالث: {قِيلَ}، وهو سهو، لأنه مضاف إليه، والمضاف إليه لا يعمل في المضاف.