فالعسل والماء جنسان، فكأنه قال: يكون مزاجها العسل والماء، وأيضًا فإن هنا شيئًا لطيفًا، وذلك أدن الكلام قد دخله النفي والإِثبات، وقد يسوغ في ذلك ما لا يسوغ في الإِثبات المحض، وفيه كلام لا يليق ذكره هنا.
والمُكَاءُ: الصفير، يقال: مَكَا يَمْكُو مَكْوًا ومُكَاءً، إذا صَفَّر بفيه، وهمزته مبدلة من لام الكلمة، وهي واوٌ، بشهادة قولهم: المكوُ، و: مَكَوْنا.
والتصدية: التصفيق بالأيدي، تفعِلة، إمّا من الصديد الذي هو الضجيج {إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} (1)، أو من الصدّ الذي هو المنع، على ما فسر أدن معنى التصدية: صدهم عن البيت (2).
وأصلها: تَصدِدَةٌ، فأبدلت الدال الأخيرة ياء كراهة التضعيف، كما قيل: {دَسَّاهَا} (3)، والأصل: دسسها، ويتظنى، والأصل: يتظنن.
أو من الصدى الذي هو الصوت، قال الرماني: يقال: صَدِي يَصْدَى تَصْدِيَةً، إذا صفق بيديه.
وقال أبو الحسن: التصدية: التصفيق، ولم أسمع فيه بفعل (4).
وقيل: التصدية. صياح كانوا يعارضون به القرآن، عن قتادة (5).
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36)}:
قوله عز وجل: {لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} اللام من صلة قوله: {يُنْفِقُونَ}؛ لأن إنفاقهم كان لأجل صدهم الناس عن طريق الحق.