عن مجاهد وغيره (1)، من قولهم: أثخنته الجراحات، إذا أثبتته حتى تثقل عليه الحركة، وأثقله المرض، إذا أثخنه، من الثخانة التي هي الغلظ والكثافة، يقال: ثَخُنَ الشيءُ ثَخانةً، إذا غَلُظ وكثف.
وقوله: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا} أي: متاعها الذي يغني. {وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} أي: عملها.
والجمهور على نصب {الْآخِرَةَ} وهو الوجه، وذلك أنهم حذفوا المضاف وأقاموا المضاف إليه مقامه، وقرئ: بالجر (2) على حذف المضاف وإبقاء المضاف إليه على حاله، وذلك أنه لما قال جل ذكره: : {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا} فجرى ذكر العرض، صار كأنه أعاده ثانيًا، فكأنه قال: والله يريد عرض الآخرة.
ونظيره بيت الكتاب:
254 - أَكُلَّ امْرِئٍ تَحسبينَ امْرءًا
... ونارٍ تَوَقَّدُ بِالليلِ نَارَا (3)
أي: وكل نار، فناب ذكر كل في أول الكلام عن إعادتها في آخره، وذلك فرار من العطف على عاملين وهما: كل وتحسبين.
{لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (68)}:
قوله عز وجل: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ} {كِتَابٌ} رفع بالابتداء، والخبر محذوف، أي: تدارككم، و {مِنَ اللَّهِ} و {سَبَقَ}: صفتان لكتاب.
ولك أن تجعل {مِنَ اللَّهِ} من صلة {سَبَقَ}، وسبق: حالًا من الذكر