قوله عزَّ وجلَّ: {وَهُمْ أَغْنِيَاءُ} في موضع الحال من الفاعل في {يَسْتَأْذِنُونَكَ}.
وقوله: {رَضُوا} فيه وجهان:
أحدهما: حال وقد قبله مرادة.
والثاني: مستأنف، قيل: كأنه قيل: ما بالهم استأذنوا وهم أغنياء، فقيل: رضوا بالدَّنَاءة والضَّعَةِ والانتظام في جملة الخوالف (1).
{يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (94)}:
قوله عزَّ وجلَّ: {قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ} أُجري (نَبَّأَ) مجرى أعلم من حيث كان معناه الإِخبار، والإِخبار قريب من الإِعلام، فلذلك يتعدى إلى ثلاثة مفعولين كأعلم، ويجوز الاقتصار في هذا الباب على مفعول واحد وهو الأول، ولا يجوز على اثنين دون الثالث.
فإذا فهم هذا فقوله تعالى: {قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ} قد اقتصر على مفعول واحد وهو (نا)، وحذف الثاني والثالث، والتقدير: قد نبأنا الله بعضًا من أخباركم موضحًا، فحُذفا للعلم بهما.
ولا يجوز أن تكون (مِن) في قوله: {مِنْ أَخْبَارِكُمْ} مزيدة على رأي أبي الحسن وتكون هي المفعول الثاني، ويكون الثالث محذوفًا، كما زعم بعضهم (2)، وهو سهوٌ لما ذكرت آنفًا من أن الاقتصار في هذا الباب لا يجوز على اثنين دون الثالث، وفيه كلام لا يليق ذكره هنا (3).