{أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ (126)}:
قول عزَّ وجلَّ: {أَوَلَا يَرَوْنَ} قرئ بالياء النقط من تحته (1) على وجه الإخبار عن المنافقين تقريعًا لهم بالإعراض عن التوبة مع ما يمتحنون به وقتًا بعد وقت.
وبالتاء النقط من فوقه (2) على وجه الخطاب من الله للمؤمنين، والتنبيه لهم على إعراض المنافقين عن النظر والتدبر لما ينبغي أن ينظروا فيه ويتدبروه.
ويَرى هنا يحتمل أَنْ يكون من رؤية العين، وأَنْ يكون من رؤية القلب، فيتعدى إلى مفعولين وقد سدت أَنَّ مسدهما.
واختار أبو علي أن يكون من رؤية العين (3)؛ لأنه عِلْمٌ لا يدخله ريب، فذلك أقوى في الحجة عليهم.
وقوله: {فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ} انتصاب قوله: {مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ} إما على الظرف بمعنى: وقتًا أو وقتين، أو على المصدر بمعنى: فتنة أو فتنتين.
{وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (127)}:
قوله عزَّ وجلَّ: {هَلْ يَرَاكُمْ} على إرادة القول، أي: قائلين ذلك.
وقوله: {صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} كما فيه وجهان: أحدهما: خبر وهو على بابه. والثاني؛ دعاء عليهم بالخذلان وبصرف قلوبهم عما في قلوب أهل الإيمان من الانشراح.