قال: وكأن الذي حَسَّنَ التاء هنا أنه أمر لهم بالفرح، فخوطبوا بالتاء؛ لأنها أذهب في قوة الخطاب، فاعرفه (1).
وقرئ: (خير مما يجمعون) بالياء النقط من تحته إجراءً على الإخبار عن الكفار، على معنى: أن ما أوتيتم من الموعظة والشفاء والهُدَى والرحمة خير مما يجمعه غيركم من أعراض الدنيا.
وبالتاء النقط من فوقه (2) على الخطاب حملًا على ما قبله وعلى ما بعده من لفظ الخطاب، وهو يعم الفريقين المؤمنين والكافرين على وجه التغليب، غُلِّب الحُضرُ على الغُيَّب، كما غلِّب المذكرُ على المؤنث.
{قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (59)}:
قوله عز وجل: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} (أرأيتم) يحتمل أن يكون من رؤية العين بمعنى: أرأيتم بأعينكم، وأن يكون من رؤية القلب بمعنى: أعرفتم. و {مَا} موصول، ومحله النصب بـ {أَرَأَيْتُمْ}.
وقال أبو إسحاق: ما: في موضع نصب بـ {أَنْزَلَ} (3)، فتكون {مَا} عنده بمعنى أي. والوجه أن يكون موصولًا منصوبًا بـ {أَرَأَيْتُمْ} (4).
وقوله: {أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} في (أم) هنا وجهان:
أحدهما: متصلة بمعنى: أخبروني آلله أذن لكم في التحليل والتحريم، فأنتم تفعلون ذلك بإذنه، أم تكذبون على الله في نسبة ذلك إليه؟