ذكّر الخبر؟ قلت: قيل فيه وجهان:
أحدهما: أن فعيلًا يقع على المذكر والمؤنث، كما يقع على الواحد والجمع.
والثاني: أنه نعت لمكان محذوف، أي: وما هي بمكان بعيد؛ لأنَّها وإن كانت في السماء، وهي مكان بعيد، إلّا أنَّها إذا هوت منها فهي أسرع شيء لحوقًا بالمرمي، فكأنها بمكان قريب منه، فحذف المنعوت، أو لأنَّ العقوبة والعقاب بمعني، كما أن الصيحة والصوت، والموعظة والوعظ كذلك.
{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (84)}:
قوله عزَّ وجلَّ: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا} أي وأرسلنا إلى قبيلة مدين، أو إلى أهل مدين، و {مَدْيَنَ} لا تنصرف للتعريف والتأنيث، و {شُعَيْبًا} بدل أو عطف بيان، وقد ذكر نظيره قبيل في السورة (1).
وقوله {وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ} أي: ولا تنقصوا الناس المكيال، أو منه؛ لأنَّ نَقَصَ فعل يتعدى إلى مفعولين، ومصدره النقص، تقول: نقصت فلانًا حقه، ومن حقه، ولا يتعدي، ومصدره النقصان.
وقوله: {بِخَيْرٍ} يحتمل أن يكون من صلة أري، وأن يكون في موضع نصب على الحال من الكاف والميم، أي: ملتبسين به.
وقوله: {عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ} محيط: نعت لليوم في اللفظ، وللعذاب في المعنى، أي: مهلك، من قوله: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} (2).
وأصله من إحاطة العدو، وإنما وصف اليوم بذلك لاشتماله عليه.