ما أنتم عليه من عبادة الأوثان والتطفيف والبخس أو أوافقكم على ما أنتم عليه؟ ونحو ذلك.
وقوله: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} قيل: يقال: خالفني فلان إلى كذا، إذا قصده وأنت مولٍّ عنه، وخالفني عنه، إذا ولّى عنه وأنت قاصده. ويلقاك الرجل صادرًا عن الماء فتسأله عن صاحبه، فيقول: خالفني إلى الماء، يريد أنه قد ذهب إليه واردًا، وأنا ذاهب عنه صادرًا.
فإذا فهم هذا، فقوله: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} يعني: لست أنهاكم عن شيء وأفعله مستبدًا به دونكم، وإنما أختار لكم ما أختار لنفسي.
وقوله: {مَا اسْتَطَعْتُ} قيل: (ما) ظرفية، أي: زمن أو مدة استطاعتي الإصلاح، وما دمت متمكنًا منه لا آلو فيه جهدًا، أو بدل من {الْإِصْلَاحَ}، أي: المقدار الذي استطعته منه.
وقد جوز أن يكون على تقدير حذف المضاف، أي: ما أريد إلّا الإصلاح إصلاح ما استطعت، فحذف المضاف (1).
{وَيَاقَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (89) وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ (90)}:
قوله عزَّ وجلَّ: {لَا يَجْرِمَنَّكُمْ} الجمهور على فتح الياء، وقرئ: بضمها (2)، وقد ذَكَرتُ في سورة المائدة أن جرم مثل كسب في تعدِّيه إلى مفعول واحد وإلى مفعولين، وأن أجرم منقول من جرم المتعدي إلى مفعول