ما شاء الله أن يفعل بالسماوات والأرض ما يريد من إفناء أو إبقاء، أو غير ذلك، فتأمل هذه الأوجه فإنها على الترتيب المذكور قبلها.
وعن الفراء: أن هذا استثناء استثناه الله تعالى ولا يفعله، كقولك: والله لأضربنّك إلّا أن أرى غير ذلك، وأنت عازم على ضربه (1).
{وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108)}:
قوله عزَّ وجلَّ: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ} الآية، الكلام فيها كالكلام فيما قبلها.
وقوله: {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} انتصاب قوله: {عَطَاءً} على المصدر دلَّ على فعله ما قبله، وهو قوله: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ
.... } الآية، كأنه قيل: أعطاهم الله ذلك إعطاء، فحذف الزائد منه وهو الهمزة، كما حذف من قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} (2) على أحد الوجهين (3).
وقوله:
312 - .......................... ... وبعد عطائك المائة الرتاعا (4)
وهو مصدر مؤكد كالذي في قولك: ضربت زيدًا ضربًا، ولا يجوز أن يكون مفعولًا به، وهو أن يكون بمعنى المُعطَي، كما زعم بعضهم (5) لوجهين:
أحدهما: أن الفعل المقدر قد استوفى مفعوليه المذكورين آنفًا.