{هَذَا}: مبتدأ و {الَّذِي} خبره، ونهاية الموصول {مِنْ قَبْلُ}، وعائده محذوف، أي: رُزِقناه.
و{قَبْلُ}: فيه ثلاثة أسئلة:
أحدها: أن يقال: لِمَ بُني؟ .
والثاني: أن يقال: لم بني على حركة؟ .
والثالث: أن يقال: لم بني على الضم؟
اعلم أن (قَبْلُ) نقيض (بَعْدُ)، وأصله الإضافة، تقول: جئتك قبلَ زيد، ثم تحذف المضاف إليه في اللفظ ويراد في المعنى، فيبقى الاسم الأَمْكَنُ العاري من أسباب منع الصرف بغير تنوين، وذلك مخالفة الأسماء، فبُني حتى يتخلص من هذا الخلاف، وإنما لم يمكن تنوينه، لأجل أن المضاف إليه إذا ثبت في التقدير كان بمنزلة ثباته في اللفظ، فكما لا يجوز أن تقول: دارٌ عمرٍو، كذلك لا يجوز أن تقول: جئتك قبلًا، وأنت تريد قبل زيد، لامتناع الجمع بين الإضافة والتنوين، هذا سبب بنائه.
وبني على حركةٍ فرقًا بينه وبين ما لم يَنَلْ نصيبًا من التمكن، كَمَنْ، وإذ، ونظائرهما.
وبني على الضم لأن الضمة أقوى الحركات الثلاث، والموضع موضع الدلالة على التمكن، فاختير له أقوى هذه الألفاظ، وصارت الضمة عَلَمًا للحذف المذكور. وقيل: إن النصب والجر كانا يدخلانه في حال إعرابه، فأُعطي حركةً لا تكون له في حال الإعراب، لِيُعلم أنها حركة بناء لا حركة إعراب.
وكذلك الكلام في (بعد) ونظائرهما فاعرفه، والتقدير: هذا الذي رزقنا من قبل هذا، ثم حذف هذا وبني لقطعه عن الإضافة.
فإن قلتَ: ما محل قوله عز وعلا: {كُلَّمَا رُزِقُوا} مع ما اتصل به؟